اليوم الثالث: "تعييرات معيّريك وقعت عليّ"

رياضة الأسبوع العظيم ٢٠٢١

الأب داني يونس اليسوعيّ

اليوم الثالث: "تعييرات معيّريك وقعت عليّ"

بنسبة الأب داني يونس اليسوعيّ

لماذا كان يجب أن يدخل المسيح في آلامه ليعبر إلى مجده؟
لماذا لا يمكن له أن يحرز الملكوت بدون الصليب؟
لماذا لا يتحقّق ملكه إلّا من خلال الموت؟

لم تكن الفكرة غريبة عن فكر يسوع، ففي البرّيّة جُرّب بها.
ثُمَّ مَضى بِه إِبليسُ إِلى جَبَلٍ عالٍ جدّاً وأَراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدُّنيا ومَجدَها، وقالَ له: “أُعطيكَ هذا كُلَّه إِن جَثوتَ لي سـاجداً” فقالَ له يسوع: “اِذهَبْ، يا شَيطان! لأَنَّه مَكتوب: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسجُد وايَّاهُ وَحدَه تَعبُد” (متّى ٤: ٨-١٠)
عرض إبليس على يسوع ملكوتًا بلا صليب، ثمنه أن “يسجد لإبليس” أي أن يملك يسوع، ولكن بأسلوب إبليس. ما هو أسلوب إبليس؟
“فَلْيَنْزِلِ الآنَ عنِ الصَّليبِ فنُؤمِنَ بِه” (متّى ٢٧: ٤٢). هذا هو أسلوب إبليس: لو نزل عن الصليب لآمن به الكلّ ولكن لما كانت العلاقة الروحيّة تلك الّتي يريدها الله، أي البنوّة، بل لكانت عبوديّة تحت ستار الإيمان.

حين يختار الله أحدًا ليقيم معه العهد، يكون المختار مختارًا لا لذاته بل لأجل الآخرين.
فالعهد الّذي يجمع الله بالناس يأتي عن طريق شخص يقبل أن يحمل ذاك العبء الثقيل، عبء الاختيار.
لأنّ من يحمل اسم الله، من يأتي باسم الربّ، معرّض إلى أن يحمل مصير كلمة الله في عالمنا.
ومصير الكلمة هو أن تُرذل وتُحتقر، لأنّها تقاوم قساوة قلوبنا.
كلّ مختار يعاني الرفض، لأنّه مختار:
“تعييرات معيّريك وقعت عليّ” (مزمور ٦٩: ٩)

ومن يحمل اسم الله بشكل كامل، يواجه عنف البشر بأكمله.
لن يكون الملكوت بلا صليب، ولن تكون الولادة بدون مخاض.
“والَّذي يَثبُتُ إِلى النِّهايَةِ فذاكَ الَّذي يَخلُص” (متّى ٢٤: ١٣)

نصّ للتأمّل
وكانَ بَعضُ اليونانِيِّينَ في جُملَةِ الَّذينَ صَعِدوا إِلى أُورَشَليمَ لِلْعِبادَةِ مُدَّةَ العيد. فقَصَدوا إِلى فيلِبُّس، وكانَ مِن بَيتَ صَيدا في الجَليل، فقالوا له مُلتَمِسين: “يا سَيِّد، نُريدُ أَن نَرى يسوع” فذَهَبَ فيلِبُّس فأَخبَرَ أَنَدرواس، وذهَبَ أَندَرواس وفيلِبُّس فأَخبَرا يسوع.
فأَجابَهما يسوع: “أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان.
الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَراً كثيراً.
مَن أَحَبَّ حياتَهُ فقَدَها ومَن رَغِبَ عنها في هذا العالَم حَفِظَها لِلحَياةِ الأَبَدِيَّة.
مَن أَرادَ أَن يَخدُمَني، فَلْيَتْبَعْني وحَيثُ أَكونُ أَنا يَكونُ خادِمي ومَن خَدَمَني أَكرَمَهُ أَبي.
الآنَ نَفْسي مُضطَرِبة، فماذا أَقول؟ يا أَبَتِ نَجِّني مِن تِلكَ السَّاعة. وما أَتَيتُ إِلَّا لِتلكَ السَّاعة. يا أَبتِ، مَجِّدِ اسمَكَ”.
فانطَلَقَ صَوتٌ مِنَ السَّماءِ يَقول: قَد مَجَّدتُه وسَأُمَجِّدُه أَيضاً، فقالَ الجَمْعُ الَّذي كانَ حاضِراً وسَمِعَ الصَّوت: “إِنَّه دَوِيُّ رَعْد” وقال آخَرونَ: “إِنَّ مَلاكاً كَلَّمَه”، أَجابَ يسوع: لم يَكُنْ هذا الصَّوتُ لأَجلي بل لأجلِكُم. الَيومَ دَينونَةُ هذا العالَم. اليَومَ يُطرَدُ سَيِّدُ هذا العالَمِ إِلى الخارِج. وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين. وقالَ ذلك مُشيراً إِلى المِيتَةِ الَّتي سَيَموتُها. فأَجَابَه الجَمْع: “نَحنُ عَرَفْنا مِنَ الشَّريعَةِ أَنَّ المَسيحَ يَبْقى لِلأَبَد. فكَيفَ تَقولُ أَنتَ إِنَّهُ لابُدَّ لابنِ الإنسانِ أَن يُرفَع. فمَنِ ابنُ الإِنسانِ هذا؟ فقالَ لَهم يسوع: النُّورُ باقٍ معَكم وقتاً قليلاً فَامشوا ما دامَ لَكُمُ النُّور لِئَلاَّ يُدرِكَكُمُ الظَّلام. لأَنَّ الَّذي يَمْشي في الظَّلام لا يَدْري إِلى أَينَ يَسير. آمِنوا بِالنُّور، ما دام لكُمُ النُّور لِتَصيروا أَبناءَ النُّور.” قالَ يسوعُ هذا، ثُمَّ ذهَبَ فتَوارى عَنهُم. (يوحنّا ١٢: ٢٠-٣٦)

نقطة أولى: “أتت الساعة”، “ما أتيتُ إلاّ لتلك الساعة”. كيف يعرف يسوع أنّ الساعة قد أتت؟

نقطة ثانية: “نفسي الآن مضطربة”. ماذا يقول لنا اضطراب يسوع عن الساعة؟

يمكننا التوقّف على كلّ جملة من النصّ

مراحل درب الصليب

المرحلة السابعة: لنتأمّل يسوع يقع تحت الصليب مرّة ثانية

“تعييرات معيّريك وقعت عليّ” (مزمور ٦٩: ٩). لا يرزح يسوع تحت وطأة وهنه، وصليبه، وحزنه فحسب، بل يرزح تحت ثقل اختياره ليكون حاملاً اسم الله في عالمنا الّذي يكره الله. لا يهرب من اختياره ولا يحتفظ به لنفسه، بل يحمل وزره من أجل كلّ الّذين يحبّهم الآب، كلّ الّذين يقاومون الآب.
أنظر إلى أعباء حياتي. ما الّذي هو علامة اختياري؟ وما الّذي هو عشوائيّ لا لزوم له؟ وما الّذي أنزله بنفسي أو ينزله آخرون فيّ؟

المرحلة الثامنة: لنتأمّل يسوع يلتقي نساء أورشليم الباكيات

“يا بَناتِ أُورَشَليمَ، لا تَبكِينَ عَليَّ، بلِ ابكِينَ على أَنفُسِكُنَّ وعلى أَولادِكُنَّ… فإِذا كانَ يُفعَلُ ذلك بِالشَّجَرةِ الخَضْراء، فأَيّاً يَكونُ مَصيرُ الشَّجَرَةِ اليابِسة؟” (لوقا ٢٣: ٢٨-٣١). حين تأتي المحنة، من سيكون قادرًا على مواجهتها؟
أفكّر في محن حياتي، خصوصًا المحنة الحاضرة الّتي تعصف بالكوكب برمّته. أطلب من الربّ أن أثبت في قلب المحنة.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *