اليوم الثاني: "وجهك يا ربّ ألتمس"

رياضة الأسبوع العظيم ٢٠٢١

الأب داني يونس اليسوعيّ

اليوم الثاني: "وجهك يا ربّ ألتمس"

بنسبة الأب داني يونس اليسوعيّ

الله لم يرَه أحد قطّ.
لهذا يطلب فيليبّس ويقول “أرنا الآب وحسبنا” (يوحنّا ١٤: ٨).
في قلبنا حنين إلى الآب، حنين لا نعرف مصدره، كما لو كان وعدًا نشأ في وعينا منذ وَعينا.
حين كان يسوع يعلّم في الجليل كان يجمع الناس بكلامه.
كان كلامه يجيب على أسئلة لم يسألوها بعد، على أعماق لم يستكشفوها بعد.
في قلبنا حنين إلى الآب، نعرفه ولا نعرفه، ولا نعرف أنّنا نعرفه.
فكانوا يُعجبون بكلامه، لأنّه كان يكلّمهم بسلطان.
والربّ نفسه أعلن أن لا أحد يأتي إليه إن لم يجتذبه الآب.
وما من أحد يعرف الآب إلاّ الابن ومن أراد الابن أن يكشفه له.
فالحنين قادهم إلى يسوع، وهو عرّفهم بالآب الّذي يعبدونه ولا يعرفونه.

وهكذا يُشرق الحنين من قلوبنا، على وجوه الناس الّذين يُظهرون وجه الآب.
الله لم يره أحد قطّ، الابن الوحيد الّذي في حضن الآب كشفه لنا.
الله لم يره أحد قطّ، فمن أحبّ أقام في الله وأقام الله فيه.

حنيننا يؤرقنا، لأنّه فقر يسكن فينا.
حنينا لا يمكننا تدجينه، لأنّه سلطان الآب فينا، بصمته الّتي لا تُمحى.
ونحن نخاف ما لا نستطيع تدجينه، ونقلق ممّا لا نسيطر عليه.
مع أنّنا “نريد أن نرى يسوع” إلاّ أنّنا نريد أيضًا أن نقتل يسوع.
وجوهنا تصير قاتمة عنيفة مخيفة، لا تعكس الحنين لأنّ الظلمة تملّكتها.

أعد إلينا يا ربّ وجوهنا الّتي فقدناها.

نصّ للتأمّل
وإِذا جاءَ ابنُ الإِنسانِ في مَجْدِه، تُواكِبُه جَميعُ الملائِكة، يَجلِسُ على عَرشِ مَجدِه، وتُحشَرُ لَدَيهِ جَميعُ الأُمَم، فيَفصِلُ بَعضَهم عن بَعْضٍ، كما يَفصِلُ الرَّاعي الخِرافَ عنِ الجِداء. فيُقيمُ الخِرافَ عن يَمينِه والجِداءَ عن شِمالِه. ثُمَّ يَقولُ الملِكُ لِلَّذينَ عن يَمينِه: “تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم: لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريباً فآويتُموني، وعُرياناً فَكسَوتُموني، ومَريضاً فعُدتُموني، وسَجيناً فجِئتُم إِلَيَّ “. فيُجيبُه الأَبرار: “يا رَبّ، متى رأَيناكَ جائعاً فأَطعَمْناك أَو عَطشانَ فسَقيناك؟ ومتى رأَيناكَ غريباً فآويناك أَو عُرياناً فكَسَوناك؟ ومتى رَأَيناكَ مريضاً أَو سَجيناً فجِئنا إِلَيكَ؟” فيُجيبُهُمُ المَلِك: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه.” ثُمَّ يقولُ لِلَّذينَ عنِ الشِّمال: “إِليكُم عَنِّي، أَيُّها المَلاعين، إِلى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ المُعدَّةِ لإِبليسَ وملائِكَتِه: لأِنِّي جُعتُ فَما أَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيتُموني، وكُنتُ غَريباً فما آوَيتُموني، وعُرياناً فما كَسوتُموني، ومَريضاً وسَجيناً فما زُرتُموني.” فيُجيبُه هؤلاءِ أَيضاً: “يا رَبّ، متى رَأَيناكَ جائعاً أَو عَطشان، غَريباً أَو عُرياناً، مريضاً أَو سجيناً، وما أَسعَفْناك؟” فيُجيبُهم: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: أَيَّما مَرَّةٍ لم تَصنَعوا ذلك لِواحِدٍ مِن هؤُلاءِ الصِّغار فَلي لم تَصنَعوه.” فيَذهَبُ هؤُلاءِ إِلى العَذابِ الأَبديّ، والأَبرارُ إِلى الحَياةِ الأَبدِيَّة. (متّى ٢٥: ٣١-٤٦)

نقطة أولى: أتأمّل وجوه الّذين عن اليمين إذ يسمعون بركة الربّ

نقطة ثانية: أتأمّل وجوه الّذين عن اليسار إذ يسمعون لعنة الربّ

نقطة ثالثة: أتخيّل وجهي حين أتصرّف مثل آل اليمين، ثمّ حين أتصرّف مثل آل اليسار. وأختار لنفسي وجهًا.

مراحل درب الصليب

المرحلة الرابعة: لنتأمّل يسوع يلتقي بأمّه مريم

وجه الأمّ، صورة وجه الله، مصدر الحياة، مرساة البركة الراسخة. في قلب المحنة يطلّ هذا الوجه على الإنسان المثخن بجراح الأخوّة. تحيط به وجوهٌ عنيفة، شامتة، ساخرة، مُهينة. في أعين تلك الوجوه هو الّذي يستحقّ الموت. ويُشرق عليه وجه أليف، يذكّره بحنينه الأوّل، ولأجل من خرج. يشرق عليه وجه من أوسعت إنسانيّته لرغبة الحياة.
أستعيد بذاكرتي الوجوه المضيئة في حياتي. تلك الّتي نقلت إليّ عدوى الرغبة في الوجود، وحفّزت فيّ الحنين إلى الآب. أذكرها أمام الربّ الفادي.

المرحلة الخامسة: لنتأمّل يسوع يعينه سمعان القيرينيّ على حمل الصليب

المعين من أسماء الله، لأنّ المدد والمعونة منه. ليس درب الصليب درب بطولة، بل هو درب انكشاف، فيه يظهر وجه الله. في يسوع، وكذلك في سمعان “المعين”.
أسمّي المعين في حياتي، من يجعل بحضوره الوجود أقلّ ثقلاً.

المرحلة السادسة: لنتأمّل يسوع تمسح وجهه القدّيسة فيرونيكا

وجه يسوع يبقى معنا، وهو وجه المتألّم المُهان. هكذا أراد أن تكون أيقونته الأولى، تلك الّتي لا تنسى الآلام في فرح القيامة، لأنّها لا تستثني المقهور من فرح العيد.
أستعيد في ذاكرتي الخبرات المؤلمة حين شعرتُ بأنّي مرفوض أو ملقىً خارجًا. أسأل نفسي ما إذا كنتُ قد أشعرتُ أحدًا بذلك…

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *