اليوم الخامس: "حياتي، ما من أحد ينتزعها منّي"

رياضة الأسبوع العظيم ٢٠٢١

الأب داني يونس اليسوعيّ

اليوم الخامس: "حياتي، ما من أحد ينتزعها منّي"

بنسبة الأب داني يونس اليسوعيّ

قال الربّ: “[حياتي] ما من أحد ينتزعها منّي، بل أنا أبذلها برضاي” (يوحنّا ١٠: ١٨)
أمام الموت، يسوع يبقى حرًّا.
لا يرضخ للموت صاغرًا مستسلمًا ضحيّةً تشكو قدرها
ولا يطلب الموت يأسًا أو تهوّرًا أو لا مبالاةً بالحياة
ولا يعاند الموت مكابرة ووهمًا
بل يبقى حرًّا.

قد يكون الموت مصير كلّ إنسان، وابن الإنسان واحد منّا
أن يموت المرء هذا أمر محسوم
ولكن أن يكون موته اكتمالاً أو حرمانًا فهذا ما تحسمه حرّيّتنا

الّذي يحيا لأجل ذاته، تأتيه ساعة الموت ساعة تعاسة وخسران
أمّا الّذي يحيا ببذل ذاته، فتأتيه ساعة الموت تحقيقًا لما يعجز أن يحقّقه بذاته، وإن رغب فيه
“مَن أَحَبَّ حياتَهُ فقَدَها ومَن رَغِبَ عنها في هذا العالَم حَفِظَها لِلحَياةِ الأَبَدِيَّة” (يوحنّا ١٢: ٢٥)
“لأنّ الّذي يُريدُ أَن يُخَلِّصَ حَياتَه يَفقِدُها، وأَمَّا الَّذي يَفقِدُ حَياتَهُ في سبيلي فإِنَّه يَجِدُها” (متّى ١٦: ٢٥)

ما معنى أن يبذل الإنسان ذاته؟
يعني أن يبني جماعة (عائلة، صداقة، مؤسّسة، وطنًا، ملكوتًا)
يعني أن يحيا لما هو أكبر من ذاته
يعني أن يعشق.

نصّ للتأمّل
هُناكَ عِندَ صَليبِ يسوع، وقَفَت أُمُّه، وأُختُ أُمِّه مَريَمُ امرأَةُ قَلُوبا، ومَريَمُ المِجدَلِيَّة. فرأَى يسوعُ أُمَّه وإِلى جانِبِها التِّلميذُ الحَبيبُ إِلَيه. فقالَ لأُمِّه: أَيَّتها المَرأَة، هذا ابنُكِ. ثمَّ قالَ لِلتِّلميذ: هذه أُمُّكَ. ومُنذُ تِلكَ السَّاعةِ استَقبَلَها التِّلميذُ في بَيتِه.
وبَعدَ ذلك، كانَ يَسوعُ يَعلَمُ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ قدِ انتَهى، فلِكَي يَتِمَّ الكِتاب، قالَ: أَنا عَطْشان. وكانَ هُناكَ إِناءٌ مَمْلوءٌ خَلاًّ. فوَضَعوا إِسْفَنجَةً مُبتَلَّةً بِالخَلِّ على ساقِ زوفى، وأَدنَوها مِن فَمِه. فلَمَّا تَناوَلَ يسوعُ الخَلَّ قال: تَمَّ كُلُّ شَيء. ثُمَّ حَنى رأسَهُ وأَسلَمَ الرُّوح.
وكانَ ذلكَ اليَومُ يَومَ التَّهِيئَة، فَسأَلَ اليَهُودُ بيلاطُس أَن تُكسَرَ سُوقُ المَصلوبين وتُنزَلَ أَجسادُهُم، لِئَلاَّ تَبْقى على الصَّليبِ يَومَ السَّبت، لِأَنَّ ذاكَ السَّبْتَ يَوْمٌ مُكَرَّم. فجاءَ الجُنودُ فكَسروا ساقَيِ الأَوَّلِ والآخَرِ اللَّذينَ صُلِبا معَه. أَمَّا يسوع فلَمَّا وَصَلوا إِليه ورأَوهُ قد مات، لَم يَكسِروا ساقَيْه، لكِنَّ واحِداً مِنَ الجُنودِ طَعَنه بِحَربَةٍ في جَنبِه، فخرَجَ لِوَقتِه دَمٌ وماء. والَّذي رأَى شَهِد، وشَهادَتُه صَحيحة، وذاك يَعلَمُ أَنَّه يَقولُ الحَقَّ لِتُؤمِنوا أَنتُم أَيضاً. فقد كانَ هذا لِيَتِمَّ الكِتاب: لن يُكسَرَ له عَظْم. ووَرَدَ أَيضاً في آيةٍ أُخرى مِنَ الكِتاب: سَيَنظُرونَ إِلى مَن طَعَنوا. (يوحنّا ١٩: ٢٥-٣٧)

نقطة أولى: يسوع يبني الكنيسة: يُعطي ابنًا للأمّ، وأمًّا للابن، لا برابط الدم بل برابط العلاقة به

نقطة ثانية: يسوع يبني الكنيسة: بموته يعطي روحه، والكنيسة هي الإنسانيّة الجديدة وقد نالت الروح من يسوع

نقطة ثالثة: يسوع يبني الكنيسة: يسوع، في رقاد الموت، يُشبه آدم النائم، والله يفتح جنبه لتنشأ منها حوّاء. وحوّاء الجديدة، أي الكنيسة، المرموز إليها بالدم والماء، تخرج من جنب آدم الجديد.

مراحل درب الصليب

المرحلة الحادية عشر: لنتأمّل يسوع يُسمّر على الصليب

“كما رفع موسى الحيّة النحاسيّة في البرّيّة” (يوحنّا ٣: ١٤). في البرّيّة، حين عانى الشعب من الحيّات اللاذعة، أقام موسى حيّة على سارية، بأمر من الله، لكيما ينظر إليها كلّ من تلدغه الحيّات فيحيا (عدد ٢١: ٨-٩). نحن الّذين لدغتنا الحيّة القديمة فأفقدتنا الثقة بالله، ننظر إلى المصلوب فنتيقّن أنّ “الله الّذي لم يضنّ بابنه، بل أسلمه إلى الموت من أجلنا، كيف لا يهبنا معه كلّ شيء؟” (روما ٨: ٣٢).
أنظر إلى الصليب وأطلب الشفاء من مختلف أمراض نفسي وجسدي. أسمّي تلك الأمراض أمام الله.

المرحلة الثانية عشر: لنتأمّل يسوع مائتًا على الصليب

حين تنطفئ شعلة الحياة، لا يضيئها ثانية إلاّ الله. لهذا فإنّ الموت هو التسليم الكامل، وهبة الذات الكاملة. “ما من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل من يحبّ” (يوحنّا ١٥: ١٣). “يا أبت، في يديك أجعل روحي” (لوقا ٢٣: ٤٦). بموته يلمس الربّ ساعة موتي أنا ليجعلها ساعة شراكة لا ساعة عزلة.
أقدّم للربّ زمن حياتي كلّه وأسأله أن يجعل من حياتي تقدمة حبّ لا يوقفها موت.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *